ثقافة بعض الملاحظات الأولية في مستهل الدورة 78 لمهرجان كان السينمائي... بقلم الناقد الطاهر الشيخاوي

بقلم الناقد الطاهر الشيخاوي
-الصورة للمصورة الفلسطينية فاطمة حسون بطلة فيلم "ضع روحك على يدك وامش" لسبيدة فارسي: أهم حدث سينمائي سياسي في الدورة 78 لمهرجان "كان"
الوفاء للمعهود، عملاق من عمالقة التظاهرات السينمائية العالمية باق على العهد، متشبث بخطّه العام، غير مبال بالتحولات المحيطة به، يواصل طريقا مُعبدة منذ زمان. لا جامد ولا متحوّل، يسجّل بحذر بعض المتغيرات الكبرى التي لا يمكن تجاهلها من خلال إشارات يحرص على عدم وضعها في مقدمة أنبائه بالرغم من بعده الإشهاري.
أولها ما يحدث في أوكرانيا : من هنا نبدأ، بالتعاون مع مؤسسة فرنسا للتليفزيونات وبروت (وسيط اعلامي الكتروني) يعرض المهرجان ثلاثة أفلام حول أوكرانيا في يومه الأول سويعات قبل الافتتاح الرسمي. الفيلم الأول في قاعة "بونوال" يروي جانبا من حياة "زلنسكي" رئيس أوكرانيا الحالي مع الساعة العاشرة صباحا، يليه بقاعة بازان "حربنا" فيلم لبرنار هنري ليفي ومارك روسال تم تصويره بين فيفري وافريل 2025، يتابع المعارك الدائرة في جبهات بركروفسك وسومي شرق أوكرانيا، ثم فيلم "ألفا متر قرب اندريفكا" قرية في شرق البلاد يحاول جنود أوكرانيا تحريرها من سيطرة الجيش الروسي.
هكذا تم الاعلام عن البرنامج: "تأتي هذه البرمجة للتذكير بالتزام مهرجان "كان" وقدرته على سرد التحديات العالمية، تحديات تتعلق بمستقبلنا. يشترك مهرجان "كان" مع فرنسا للتلفزيونات ومؤسسة بروت ليؤكدوا على إرادتهم في رفع صوت اللاتي والذين يشهدون على وقائع العصر ويقاومون من أجل الحقيقة".
طبعا المهرجان واع بالجانب الإعلامي لهذه البرمجة، لا يُخفيه بل يؤكّد بطريقة شبه مباشرة على طبيعته الدعائية.
أما الأبعاد الجيو-سياسية للبرمجة السينمائية، فيجب البحث عنها في الأقسام المختلفة للمهرجان الرسمية والموازية كما يمكن التماسها من خلال تركيبة لجان التحكيم.
فنجد في لجنة التحكيم الرسمية للأفلام الطويلة أسماء مثل ديودو حمادي المخرج الوثائقي الكنغولي والروائية الفرنسية المغربية المشهورة ليلى سليماني أو المخرجة الهندية بيال كباديا، ثلاثة بلدان تشهد بطريقة أو بأخرى معارك ومشاكل كبيرى.
كما يمكن ذكر اسم رشيد حامي الممثل والمخرج الفرنسي ذي الأصول الجزائرية في لجنة تحكيم الكاميرا الذهبية.
أما في ما يتعلق بالأفلام ذاتها، فكعادته يُقدم المهرجان عددا من الأفلام، وهي قليلة جدّا، لمخرجين قادمين من مواطن توحي باهتمام ما بقضايا لا تقل أهميّة عما يجري بأوكرانيا بل تنتظر الضمائرُ الحيّة وجودا لها أقوى وأوضح.
أهم هذه الأسماء طرزان وعرب ناصر اللذان يشاركان في قسم "نظرة ما" بفيلم "كان يا ما كان في غزة"، فيلم نتعرض إليه في الإبان، كأنما يأتي هذا الاختيار إجابة عن موقف المهرجان من مجموعة الأفلام القصيرة الغزاويّة التي تَعب منسقُها رشيد مشهراوي في تقديمها للجمهور أثناء الدورة السابقة للمهرجان.
أما الحدث البارز فلا علاقة مباشرة لإدارة المهرجان فيه وهو شريط "ضع روحك على يدك وامش" لسبيدة فارسي الذي يتعرض لما يجري في غزة والذي نشاهد فيه المصورة الصحفية فاطمة حسون التي اغتالها الاحتلال، مؤخرا، أربع وعشرين ساعة بعد الإعلان عن مشاركة الفيلم في المهرجان.
الأمر جلل، واختيار الفيلم من لدن جمعية الأسيد (جمعية السينما المستقلة التي تعمل على نشرها) تزامن مع رحيل فاطمة حسون ما يجعل من عرضه أهم حدث سينمائي سياسي في دورة "كان" 78.
يمكن إضافة بعض الأشياء الأخرى العائمة في محيط المهرجان.
يمكن ذكر بعضها في سياق آخر منها مشاركة أريج السحيري المخرجة التونسية الفرنسية بـ"سماء بلا أرض" في المسابقة الرسمية أو أوليفيي هيرمانوس الجنوب افريقي المشهور بشريطه "تاريخ الصوت".
لهذه الأفلام ولغيرها لنا عودة خلال متابعتنا لفعاليات المهرجان.